تشتاق الروح إلى وطنها في الدنيا حين تقاسى الغربة بحثا عن رزق أو طلبا لعلم وكثيراً ما تكون بلاد الغربة أجمل من الوطن وأطيب منه رفاهية وترفاً ومع ذلك تحن النفس إلى الوطن الأول على فقره وبساطته فكيف بحنينها إلى منزلها الأول في الجنة .
فقد كنا نسكن في الجنة إلى أن أخرج منها أبونا آدم عليه السلام إلى هذه الدنيا والطريد من أمثالنا يسعى للرجوع ويطلب العودة إلى جنه الخلد .
لذلك قال النبي (صلى الله عليه وسلم) (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)
لذلك ياحبيبتى : علينا أن نحيا في هذه الدنيا حياة الغريب الذي ينتظر العودة إلى وطنه الأول بشوق ولهفة .
ويقول الرسول(صلى الله عليه وسلم)(موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها) فإذا كان موضع السوط فيها خير من الدنيا وما فيها فكيف إذا نزلت فيها وأقمت .
حبيبتي ... غريب الدنيا يسعى حثيثاً في العمل الشاق ويصل الليل بالنهار ويعانق التعب ويخاصم الراحة ليرجع إلى أهله وأرضه في أسرع فرصه ومسافر الآخرة أولى بذلك فإنه لا يطيق اللبث في الدنيا والبعد عن الدنيا ولولا أن القلب على أمل بالعودة واللقاء القريب لتفطر من لوعة الفراق وألم الهجر .
قيل للإمام الشافعي مالك تدمن إمساك العصا ولست بضعيف؟
فقال: لأذكر أنى مسافر.
حبيبتي... لكن عدوك مستميت في أن يحول بينك وبين وثبتك نحو الجنة يريد أن يحول بينك وبين حياتك الحقيقية ويريد أن يقتلك بل يريد أن يوقع بك ما هو أشد من القتل وهو ضياع الجنة فالجنة أمامك والشيطان خلفك فإذا تقدمتِ ربحتى وإذا تأخرتى أدركك العدو.
حبيبتي... من استشعر أنه مسافر إلى الجنة وأن إقامته في الدنيا مؤقتة زهد فيها
ولا بد وجعل عينيه على ما في الوطن الأول وهو قريب إليه سائر ولدار غربته مغادر وادخر ما يستطيع من قربات وطاعات ليستأنس بها يوم الجزاء في الجنات .
فقد كان يقول بلال بن سعد في مواعظه : يا أهل الخلود ويا أهل البقاء إنكم لم تخلقوا للفناء وإنما خلقتم للخلود والأبد ولكنكم تنقلون من دار إلى دار .
ويقول الله عز وجل(ويدخلهم الجنة عرفها لهم)ومصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم (فوالذى نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله فالجنة منه بمنزله كما له في الدنيا )
فيكون المؤمن أهدى إلى درجته في الجنة وزوجته وخدمه منه إلى منزله وأهله فى الدنيا .
0 التعليقات:
إرسال تعليق